الأشاعرة يقرون بأن مذهبهم مخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها ويكفرون أنفسهم وأهل ملتهم من حيث لا يشعرون

يقول العز بن عبد السلام، وهو من كبار كهنة الأشعرية، في كتابه قواعد الأحكام: "وكل ذلك مما لا يمكن تصويب للمجتهدين فيه بل الحق مع واحد منهم , والباقون مخطئون خطأ معفوا عنه لمشقة الخروج منه والانفكاك عنه , ولا سيما قول معتقد الجهة فإن اعتقاد موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا منفصل عن العالم ولا متصل به , ولا داخل فيه ولا خارج عنه لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة , ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم" .. الخ

فهو هنا يقرّر، أن أعتقاد الأشعرية والماتريدية لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقه في العادة – بمعنى أنه خلاف فطرة الإنسان – ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم".

ثم يقول بعد ذلك: "ومن زعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر لأن الشرع إنما عفا عن المجسمة لغلبة التجسم على الناس فإنهم لا يفهمون موجودا في غير جهة بخلاف الحلول فإنه لا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه".

وهو هنا يقرّر أن الحلولية كفار قولاً واحداً وبلا إعذار، والعلّة عنده، أن القول بالحلول لا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه.

فإذا كانت هذه هي علّة كفر الحلولي عنده، فكيف لم يكفر نفسه وأهل ملّته وهو مقرّ ومعترف بأن مذهبه لا يختلف عن مذهب الحلولية في كونه مخالف للفطرة البشرية ولا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل كما هو حال مذهب الحلولية!

فهنا نجد الأشعري يكفر نفسه وأهل ملته من حيث لا يشعر، وليس هذا بغريب لأن العقل من الله تعالى، ولو آتاه الله عقلاً ما وقع في هذا التناقض، ولا أقرّ على نفسه بهذا الإقرار.