تناقض الأشاعرة في رد أو قبول أخبار الآحاد!

لم يكن موقف الأشاعرة من الأحاديث بأحسن حال من موقفهم من القرآن العظيم، ولا عجب، فإذا كان كلام الله تعالى لم يردعهم عن غيهم، فمن باب أولى أن الأحاديث لن تقوم بذلك

فلما اصطدم الأشاعرة بالأحاديث المتكاثرة التي جاءت بإثبات صفات الباري سبحانه، وتقرير توحيد الألوهية، وقعوا في مأزق كبير، لذلك كان لا بد من مخرج، أو لنقل حيلة يحتالون بها لرد هذه الأحاديث والتكذيب بها، والحيل دين يهود، بأسلوب يجعلهم في موضع بعيد عن اللوم، لذلك ابتدعوا القول: بأن حديث الآحاد لا يفيد العلم، وتعللوا بعدم الأمن من وضع الأحاديث على النبي صلى الله عليه وسلم! ولذلك قالوا: لا نقبل سوى بالمتواتر من الأحاديث! ولكن هل هم حقا يخشون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وهل هم حقا ردوا أحاديث الآحاد صيانة لدين الله عز وجل؟!

الجواب: من خلال تاريخ المتكلمين - وخصوصا الأشاعرة - منذ نشأتهم وإلى اليوم، والتاريخ شاهد عليهم بأنهم من أكذب الخلق، وأنه لا ينافسهم في الكذب سوى الرافضة، كما سوف نثبت ذلك بالأدلة فيما سوف يأتي من أبواب إن شاء الله

ولكن الأشاعرة لما رأوا أن الأحاديث سوف تقف سدا منيعا في وجوههم، وشاهدا أخر على بطلان دينهم، بحثوا عن حيلة لرد هذه الأخبار، فيبدأون بالبحث عن علة في السند، فأي علة مهما كانت يسيرة، ولا قيمة لها عند رواة الحديث الأوائل، فإنهم يشهرونها، ويسقطون الخبر بها

ولكن أكثر هذه الأخبار مروية بأسانيد صحيحة، فما المخرج؟ 

لما استعصت عليهم بعض الأخبار، ولم يجدوا مطعنا في سندها، خرجوا بحيلة جديدة، وهي أن أحاديث الآحاد لا تفيد العلم اليقيني، وعلى هذا فهي ليست بحجة، وبهذا ملصوا أنفسهم من الإلتزام بالأحاديث النبوية التي تخالف معتقدهم

فلما قيل لهم إذا اسقطنا أحاديث الأحاد أسقطنا الكثير من الأحكام الشرعية بل أكثرها لأنها مروية عن طريق أحاد! ظهروا بقاعدة جديدة وقالوا: أخبار الأحاد تقبل في العبادات والمعاملات والفضائل ولكن لا تقبل في العقائد، وعلى هذا زادوا في قاعدتهم السابقة قاعدة أخرى وهي: أنها تفيد العمل

ولا يوجد أي دليل شرعي على هذا التفريق الذي أحدثوه، سوى اللجاجة والكبر والتعصب للأهواء والأراء لأن أي حجة سوف يقدمونها لإثبات صحة الاحتجاج بأخبار الآحاد في العبادات والمعاملات والفضائل، سوف تكون حجة في صحة الاحتجاج بأخبار الآحاد في باب العقائد، وأي حجة سوف يقدمونها لإثبات عدم صحة الاحتجاج بأخبار الآحاد في باب العقائد، سوف تكون حجة في عدم صحة الاحتجاج بأخبار الآحاد في أبواب العبادات والمعاملات والفضائل، إذ كيف يعقل أن خبر الآحاد لا يفيد العلم وفي نفس الوقت يفيد العمل! هذا شيء عجيب!!

وهكذا هم أهل البدع والزيغ والضلال الذين يريدون أن يجيروا الدين لصالح معتقداتهم الفاسدة التي يستوردونها من الأمم الضالة فإنهم كثيرا ما يقعون في التناقضات والتخبطات من أجل تقرير تلك المعتقدات الفاسدة ويريدون بذلك التحايل على شرع الله لنقض دين الله تعالى ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

والعجيب حقا أن الأشاعرة والماتريدية في الوقت الذين ينكرون الاحتجاج بحديث الآحاد في العقائد نجدهم يحتجون باحاديث الآحاد بل وبالأحاديث الضعيفة والموضوعة التي تؤيد بدعهم في التعطيل والشرك بالله تعالى مما يثبت أن هؤلاء الزنادقة إنما يريدون بشرطهم هذا - أعني ادعاءهم أن أحاديث الآحاد ليست بحجة في العقائد - دفع الأحاديث النبوية التي تعارض بدعهم وإفساد دين الإسلام.