أوجه الشبه بين مذهب المعتزلة والأشاعرة في تعطيلهم للصفات

أعلم رحمك الله أن الأشاعرة، يظهرون التبرؤ من المعتزلة، لكي يصرفوا عنهم أحكام أئمة أهل السنة المتقدمين في المعتزلة، من تبديع وتكفير. 

وسوف نقوم بعمل مقارنة بين هذه الفرق، ليتضح لطلبة العلم وسائر المسلمين، أنه لا فرق بينها، وأنهم لا يختلفون عن بعضهم في شيء، إلا في مسائل فرعية مما يختلف فيه أهل مذهبٍ واحد بينهم. 

فمن أوجه الشبه بينهم: 

أولها: تقديم العقل على النقل

بمعنى أن الحجة في العقل فقط ومعنى ذلك أن أي مسألة يجب أن تقاس بالعقل وأن أي آية تخالف هذا القياس العقلي يجب أن تأول بحيث لا تتعارض مع الأقيسة العقلية وأي حديث نبوي يخالف ذلك إما أن يؤوّل مثل الآيات أو يضرب بعلة حتى يسقط الاحتجاج به، وطبعا هذه الأقيسة، قائمة على قواعد وأسس، قعد لها وأسس لها ملاحدة الإغريق، وكما ذكرت سابقاً فإن المعتزلة والاشاعرة في هذا، يوافقون الملاحدة الدهرية الذين يجعلون العقل هو الحجة مطلقاً.

وثانيها: التعطيل 

فتتفق هذ الفرق على التعطيل، وهو إنكار الصفات الذاتية والفعلية لله تعالى، إلّا أن الأشاعرة أثبتوا بعض الصفات فقط، وهم أخذوا التعطيل كما قدمنا أيضاً من ملاحدة الإغريق، وظنونهم في تصورهم للذات الإلهية، بناء على ما استنتجوه من خلال حججهم العقلية المزعومة.

وثالثها: التأويل 

حيث تتفق هذه الفرق، على اتخاذ التأويل طريقاً لنفي صفات الباري سبحانه وتعالى، فالتأويل في حقيقته ما هو إلا حيلة من حيلهم لنفي صفات الله تعالى، فهم لما أرادوا نفي صفات الله تعالى، اصطدموا بالآيات والأحاديث التي تصرح وبجلاء إثبات الصفات لله تعالى، فعمدوا إلى تأويل هذه الآيات بما يخالف ظاهرها، فيدعون أن ظاهر الصفات الواردة في القرآن والسنة غير مراد فأوجبوا تأويله بما لا يتعارض مع ظنونهم العقلية وفلسفتهم الإلحادية!

قال الإمام الترمذي في باب فضل الصدقة من جامعه: "وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم وقالوا إن الله لم يخلق آدم بيده وقالوا إن معنى اليد ههنا القوة" اهـ

قلت: فانظر إلى شدة الشبه بين الجهمية "المعتزلة" وبين الأشعرية فإن الأشعرية يتأولون اليد بالقوة والقدرة والنعمة ثم يأتي بعد هذا من يقول بأن الأشاعرة ليسوا من المعتزلة، ويحاول جاهداً أن يوجد فرقاً بين الطائفتين، ويُفرِّق في الحكم بينهما!