اعتراف الاشاعرة أن دينهم يقوم على أدلة عسرة المطلب عسرة الفهم

يقول العز بن عبد السلام، وهو من كبار مشايخهم، في كتابه قواعد الأحكام: "وكل ذلك مما لا يمكن تصويب للمجتهدين فيه بل الحق مع واحد منهم , والباقون مخطئون خطأ معفوا عنه لمشقة الخروج منه والانفكاك عنه , ولا سيما قول معتقد الجهة فإن اعتقاد موجود ليس بمتحرك ولا ساكن ولا منفصل عن العالم ولا متصل به , ولا داخل فيه ولا خارج عنه لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة , ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم فلأجل هذه المشقة عفا الله عنها في حق العامي ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يلزم أحدا ممن أسلم على البحث عن ذلك بل كان يقرهم على ما يعلم أنه لا انفكاك لهم عنه , وما زال الخلفاء الراشدون والعلماء المهتدون يقرون على ذلك مع علمهم بأن العامة لم يقفوا على الحق فيه ولم يهتدوا إليه , وأجروا عليهم أحكام الإسلام من جواز المناكحات والتوارث والصلاة عليهم إذا ماتوا وتغسيلهم وتكفينهم وحملهم ودفنهم في مقابر المسلمين , ولولا أن الله قد سامحهم بذلك وعفا عنه لعسر الانفصال منه ولما أجريت عليهم أحكام المسلمين بإجماع المسلمين , ومن زعم أن الإله يحل في شيء من أجساد الناس أو غيرهم فهو كافر لأن الشرع إنما عفا عن المجسمة لغلبة التجسم على الناس فإنهم لا يفهمون موجودا في غير جهة بخلاف الحلول فإنه لا يعم الابتلاء به ولا يخطر على قلب عاقل ولا يعفى عنه".

قلت: فهذا إقرار من شيخ من كبار مشايخهم، على أن دينهم "لا يهتدي إليه أحد بأصل الخلقة في العادة، ولا يهتدي إليه أحد إلا بعد الوقوف على أدلة صعبة المدرك عسرة الفهم"

وهذا الإقرار منه، من أعظم الأدلة على بطلان دين الأشاعرة والمعتزلة، فإن الإسلام دين واضح بيّن، كوضوح الشمس في رابعة النهار، دين سهل المأخذ، سهل التعلم، يفهمه الصبي في الكتاب، ويفهمه الأعرابي في البادية، والدليل على ذلك أنه نزل على أمة أميّة، ففهموه أجود الفهم، وعقلوه أعقل العقل، لم يحتاجوا إلى فلسفة متفلسف، ولا تشدقات متكلف، ولا تقعرات متحذلق.