مذهب الأشاعرة والمعتزلة هو سبب انتشار الإلحاد

وبسبب مخالفة مذهب الاشاعرة والمعتزلة للعقل والنقل معا، كان دينهم سببا لإلحاد كثير من الناس، وقد هجاهم أبو العلاء المعري، الذي تعجّب من شدة تناقض الأشعرية، وقال يهجوهم:

قلـتم لنا خالق حكيم .. قـلنا نعـم كــــذا نقول

زعمتموه بلا زمان .. ولا مـكان ألا فـقولوا

هذا كـــلام له خبئ .. معناه ليست لنا عقول

وقد قيل أن أبا العلاء المعري ألحد بسبب ذلك، وإن كان في هذا نظر، إذ يظهر أن الذي رماه بالإلحاد هم الأشاعرة، بسبب هجائهم له، وعدم قبوله لقولهم الفاسد، في حقّ ربهم عز وجل.

ونجد أن البيئات المتعلمة المثقفة، التي كان الأشعرية قد تغلبوا عليها، هي أكثر بلاد الله التي ينتشر فيها الإلحاد والكفر، إذ أن العقول السليمة لا تستوعب ديناً كهذا، فيلجئون إلى الإلحاد والكفر والعياذ بالله، وهذا واقع في العراق ومصر والمغرب العربي، بينما البيئات التي يغلب عليها طابع البداوة، ينتشر بينها الشرك والخزعبلات والدروشة، ويغلب الجهل والغباوة على أهلها، كما هو حال جزيرة العرب وبادية مصر وليبيا والجزائر وتونس وبلاد السودان.

وانظر إلى حال المغرب الإسلامي، فما أن سيطر عليه الملاحدة أتباع محمد بن تومرت، حتى تفشى فيه الإلحاد والكفر والجهل والغباوة، وتفشى الشرك والخزعبلات والدروشة والشعوذة والشعبذة والسحر وغير ذلك.

وذلك أن هذا المذهب يسعى وبجد لنشر الجهل في ثوب العلم، ويقدم الإلحاد والكفر بدثار الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.

ومما يشهد على ذلك، ما قاله أبو الحسن الندوي في مذكرات سائح في الشرق العربي: "قال بهجت البيطار: حدّثني بعض علماء الأزهر قالوا: درسنا كتب التوحيد في الأزهر فنشأت في نفوسنا شكوك وشبهات وكدنا نخرج من الإسلام إلا أنّنا طالعنا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية فغرست الإيمان في قلوبنا من جديد".

فهؤلاء عقلاء علماء الأزهر، لما درسوا توحيد الأشاعرة والمعتزلة، القائم على انكار صفات الله تعالى، وتشبيهه عز وجل وتقدس، بالمعدومات، ووصفه بصفات النقص، تعالى الله وتقدس، شكوا في الإسلام، وكادوا يخرجون منه، لاعتقادهم أن ما يقدم في الأزهر هو الإسلام، ولكنهم بعد أن قرأوا كتب الشيخ أحمد بن تيمية، وما فيها من إثباتٍ لصفات الله تعالى، ودعوة إلى توحيد الله تعالى بكمال صفاته وبربوبيته وألوهيته، عندها عرفوا الإسلام الحق، فرجعوا إليه، ولله الحمد والمنّة.

وهذا يصدّق ما رواه الذهبي عن ابن عقيل الحنبلي عندما قال: "قال ابن عقيل في الفنون: الأصلح لاعتقاد العوام ظواهر الآي ، لأنهم يأنسون بالإثبات ، فمتى محونا ذلك من قلوبهم ، زالت الحشمة، فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه ، لأن التشبيه يغمسهم في الإثبات ، فيخافون ويرجون ، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي ، فلا طمع ولا مخافة في النفي ، ومن تدبر الشريعة ، رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالألفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه ، كقول الأعرابي: أو يضحك ربنا ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم فلم يكفهر لقوله ، تركه وما وقع له".