هل الكذب من صفات الله تعالى؟ الأشاعرة يجيبون!!
قال ابن حجر العسقلاني في كتابه الذي أسماه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" والذي يظهر أنه اختلس اسمه من اسم شرح ابن رجب الحنبلي على البخاري، نقلاً عن القاضي عياض - وهو صاحب كتاب ترتيب المدارك وغيرها من المؤلفات - في تحريفه لمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "فيأتيهم الله في صورة غير الصورة التي يعرفون" ما نصّه:
"ويحتمل وجها رابعا وهو أن المعنى يأتيهم الله بصورة أي بصفة تظهر لهم من الصور المخلوقة – التي لا تشبه صفة الإله – ليختبرهم بذلك ، فإذا قال لهم هذا الملك: أنا ربكم. ورأوا عليه من علامات المخلوقين ما يعلمون به أنه ليس ربهم استعاذوا منه لذلك"
انتهى كلامهما اخزاهما الله.
ففي هذا النص الذي ابتدعه داعية السبل الشيطانية المدعو عياض ونقله عنه مقررا له محتجا به ابن حجر العسقلاني في فتحه، يؤكدان على أن الكذب من صفات الله تعالى وتقدس عن قولهم الإفك علوا كبيرا !
فالله عندهم يأمر ملكاً من الملائكة أن يذهب إلى المسلمين والمنافقين يوم العرض ويقول لهم: أنا ربكم. أي: أن الله تعالى يأمر الملك بالكذب على الناس، فصار الكذب جائزاً على الله تعالى عندهم وصفة من صفاته أخزاهم الله.
كل هذا لكي يجدوا سبيلا لتحريف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي لو عرضته على أعرابي أو صبي لعمل معناه والمراد منه خير من هؤلاء الملاحدة الكذبة الفجرة.
فهؤلاء القوم لا توجد صفة كمال لله تعالى ثابتة لربنا عز وجل بالعقل الذي يحتجون به وهم كاذبون وبالنقل الذي هم عنه معرضون إلا ونفوها. ولا توجد صفة نقص قد ثبت في العقل قبل النقل وثبت بالنقل أنها منتفية عنه إلا ووصفوا الله بها، ثم يقولون : هذا تنزيه. وكذبوا لو أرادوا التنزيه لتمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يعرضوا عنها ولكنه الكفر الذي اشربته قلوبهم المريضة عياذاً بالله من الضلال!
هؤلاء هم الذين خدموا الإسلام والسنة؟ وهذه هي خدمتهم للإسلام والسنة؟
ونص الحديث الشريف الذي جاء في الصحاح:
عن أبي هريرة، قال: قال أناس: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: «هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب» قالوا: لا يا رسول الله، قال: " فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع الله الناس، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا أتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه، ويضرب جسر جهنم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فأكون أول من يجيز.
رواه البخاري ومسلم.
وكما ترون وتسمعون فإن الحديث كان عن الله تعالى، فالصحابة يسألون النبي ويقولون: "هل نرى ربنا" فكان جواب النبي "نعم" بل أكّد لهم ذلك بأنهم سوف يرون ربهم كما يرون الشمس والقمر ليلة البدر ليس بينهما وبينهم سحاب .
ثم يقول النبي : " فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون" فالنبي يقول بأن الله هو من سوف يأتيهم، لم يقل ملك ولا مخلوق أخر!
هل يعقل في لغة العرب: أن يقال: أتى زيد، ثم يكون مراد القائل أن الذي أتى عبيد وليس زيد! هذا لا يكون لا في لغة العر بولا لغة العجم ولكنه يكون في لغة الملاحدة الكاذبين على الله وعلى رسوله مثل عياض وابن حجر العسقلاني. وأشباههم من الملاحدة المتزيين بزي الإسلام.
ثم يقول النبي : " فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون" إذا مرة أخرى الذي أتى إليهم هو الله وليس شيئا أخر، وفي صورته التي يعرفون، أي صورة كانت لله يعرفونها حتى يأتيهم الله فيها لكي يتعرفون عليه بها!!
إذا تأويل الحديث: أن الله يوم العرض، عندما يأتي إلى الأرض لفصل القضاء بين عباده، يتجلى لخلقه في صورة يرونه فيها، فعندئذ يصعقون لجلال الله فيكون أول من يفيق النبي صلى الله عليه وسلم فيرى موسى عليه السلام آخذا بقائمة من قوائم العرش، فلا يدري النبي هل أفاق موسى قبله أم أنه لم يصعق كونه صعق لجلال الله عند الطور في الخبر المشهور، فإذا فصل الله بين العباد، وأمر كل طائفة باتباع آلهتهم التي كانوا يعبدون، يأتي هو سبحانه إلى المؤمنين وفيهم المنافقين، ولكنه يتجلى لهم في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة عند الحساب، فيسألهم ماذا تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا! فيقول: أنا ربكم. فلكونهم لم يعرفوه، يستعيذون منه، ويقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا! فيختفي عنهم، ثم يتجلى لهم في صورته التي رأوه عليها أول مرة، فإذا عرفوه خروا له سجداً إلا المنافقين تصير ظهورهم طبقا واحدا حرمانا لهم من السجود لله تعالى ، ثم يأمرهم باتباعه، فيقودهم على السراط، .. الخ
كلام النبي واضح جداً ومن أشد العبارات وضوحاً وبياناً وشفاءً لما في الصدور لمن أراد الشفاء.
ولكن الذين في قلوبهم مرض، لا يريدون كلام الله ولا كلام رسوله ولا لغة العرب، ولا شيء من ذلك، إنما يريدون الكفر يريدون دين أفلاطون وأرسطوا وجالينوس وملاحدة الإغريق.
الله ورسوله جاءا بدين لا يناسبهم، فضاقت صدورهم منه، وتعسر عليهم الخروج منه، فمزجوه بالإسلام، وحرفوا به القرآن وكذبوا به السنة.
ثم كفروا أو بدعوا من لم يقل بقولهم !!
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هؤلاء وأمثالهم عند السلفية المعاصرة وهم في الحقيقة التلفية، علماء وحفاظ وأئمة وخدموا الإسلام والسنة، أعتقد حقا أن على السلفية أن يعالجوا عقولهم قبل أن يعالجوا دينهم لأن ما يقولونه لا يقوله ذو عقل .
وعن أم كلثوم بنت عقبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا او يقول خيرا" اهـ قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
رواه مسلم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعد من فعل ذلك كذاباً، وليس ممن صفتهم الكذب، والله ورسوله لا يأمران بالكذب، فهل ادعائهم أن الله يأمر الملك بالكذب على الناس إحدى هذه المواضع الثلاث المذكورة في الحديث؟ الجواب: لا.
ثم إنه رخص في هذه المواضع للإضطرار، فهل الله تعالى مضطر للكذب "تعالى الله وتقدس" حتى يأمر الملك بالكذب على الناس؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.