وذلك أن المعتزلة، زعموا أن الله في كل مكان، وأنه – تعالى وتقدس - حالّ ومتحد مع خلقه، تعالى الله عن قولهم علواً كبيرا، وبالتالي فإن الله هو الوجود، والوجود هو الله، فبالنسبة لهم، أي شيء سوف تقوم بعبادته، هو في الحقيقة عبادة لله تعالى، فليس ثمة شيء في الوجود إلا هو، وهو هذا الوجود، وهذا المعتقد هو مشابه لمعتقد المجوس والزردشتية والبوذية والهندوسية، مما يدل على أن مشرب تلك الديانات واحد، وهي الفلسفة اليونانية الأفلاطونية.
ومن هنا نشأت فكره "وحدة الأديان" فبالنسبة للصوفي المعتزلي، الأديان مجرد رموز ترمز للإيمان فقط، فكل الطرق عندهم تؤدي إلى الله، وبالتالي كل ديانة تدين بها، أو عبادة تؤديها، هي ديانة وعبادة صحيحة!!
بينما الأشاعرة، لما زعموا أن الأنبياء والأولياء شركاء لله في أمره، وطبعاً هم لا يصرحون بهذه الشراكة، وإنما يقولون: بأن الأنبياء والأولياء لهم مكانة عند الله تعالى، ويزعمون أنهم قوم تلبسوا بالخطايا والآثام، فلا ينبغي أن يخاطبوا الله تعالى مباشرة، بل يخاطبونه من خلال الوسائط والشفعاء والوسائل، التي منحها الله مكانة سامية، ومنزلة عظيمة عنده، بحيث – حسب اعتقاد الأشاعرة – لا يرد لهم شفاعة، ولا ينقض لهم أمراً، فيصرفون الدعاء والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة لهم، وهم – أي: الأنبياء والأولياء - يقومون بدعاء الله لهم، والاستغاثة والاستعانة والاستعاذة بالله، فيقوم الله تبارك وتعالى باستجابة دعاء واستغاثة واستعانة واستعاذة الأنبياء والأولياء، بحكم المنزلة العظيمة التي لهم عنده، وقضاء حوائج الناس!!
وأنت لو استعرضت ملة مشركي العرب قبل الإسلام، لم تجد بينهما فارق كبير في هذا الباب، إلا أن مشركي العرب يتوسعون في مفهوم هؤلاء الشركاء، فيعبدون الحجر والشجر والملائكة والجن.
فلما امتزج الصوفية بالجهمية "المعتزلة" والأشاعرة، دخلهم الإلحاد والشرك، بعد أن كانوا عبارة عن مجموعة من الزهاد المتقشفين المعرضين عن زهرة الحياة الدنيا!!