هل يوجد في القرآن الكريم آيات لا يعرف معناها سوى الله تعالى؟

لا يوجد شيء في القرآن اسمه: "متشابه لا يعرف معناه سوى الله" وهذه من حجج المفوضة ليشبه بها على الناس، لأن هذا القرآن إنما أنزل من أجل الناس، فأي حاجة لهم في كلام لا يعرف معناه سوى الله تعالى؟! 

ثم إن كتابة كلام لقوم لا يفهم معناه إلا كاتبه عبث محض، والله تبارك وتعالى يتعالى عن العبث، ولكن أهل البدع قوم نزعت من قلوبهم عظمة الله، فصاروا ينسبون إليه كل نقيصة ليثبتوا أن مذهبهم صحيح.

بل حتى معنى المتشابه ينقض دعواهم من أسها، فالمتشابه من الكلام في لغة العرب، هو ما كان له معنيان فأكثر، فيشتبه على القارئ أو السامع المعنى المراد من الكلمة، لذلك سمّي متشابه، إذا المتشابه له معنى يفهمه القارئ أو الاسمع إذا تبين له، لا أن معناه لا يعلمه إلا الله تعالى!

وقد احتجوا على وجود المتشابه الذي لا يعلمه معناه إلا الله بقوله تعالى في المتشابه من آياته عز وجل:

(وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا)

وهذه الآية ليست حجة لهم، فإن قوله تعالى (والراسخون في العلم) تقرأ على الوجهين، فمعنى الآية: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم - ثم يقف ثم يستأنف ويقول: والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا.

وهذا مثل قوله تعالى في سورة البقرة (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) قفقوله (فيه) تقرأ على الوجهين، فتقدير الكلام: ذلك الكتاب لا ريب فيه - ثم يقف - ثم يستأنف ويقول: فيه هدى للمتقين.

فمعني الآية ان ما تشابه من القرآن يعلمه الله ومن انار الله بصيرته من أهل العلم ثم أهل العلم يؤمنون بمتشابهه ومحكمه لأنه كله كلام الله

ثم احتجوا على على وجود المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله بزعمهم البليد بالأحرف التي في أول السور (الم) (كهيعص) (حم) (ن) (ق) (ص) وقالوا هذا لم يعرف العلماء معناه فهو من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله وهذا باطل، فجهل العلماء بالمراد من هذه الأحرف لا يلغي معناها وفيه دليل على أن العلماء لا عصمة لهم وأنهم ليسوا آلهة ولا أنصاف آلهة ولا أنبياء معصومين،

وهذه الأحرف وردت لعلة، فهي قسم أقسم الله تعالى به، فقد أقسم الله تعالى بالأحرف التي تتركب منها كلمات القرآن، والله يقسم بما شاء من صفاته أو مخلوقاته ، فإن قال قائل: ما دليلك؟ فالجواب: أن هذه الأحرف لا تأتي إلا ويأتي بعدها جواب للقسم، فإن لم تكن هذه الأحرف هي القسم، فما هو القسم الذي جاء قبل جواب القسم الذي جاء بعد هذه الأحرف؟! لا يمكن أن يكون هناك جواب أبداً، ويلزم المخالف الإقرار بأن الأحرف المقطعات ماهي إلا قسم أقسم الله تعالى به، وهذا ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنه، فيما رواه عنه الطبري.

وبهذا تنتفي شبهات هؤلاء الملحدين والحمد لله رب العالمين.